أشكال ومستويات التداخل اللغوي ” الجزائر” Forms and levels of language interference Algeria


 

أشكال ومستويات التداخل اللغوي ” الجزائر”

Forms and levels of language interference Algeria

فوزية طيب عمارة ـ جامعة حسيبة بن بوعلي-الشلف- الجزائر

fouzia Taieb Amara    ـ  University of Hassiba Ben Bouali Chlef Algeria  ـ

مقال نشر في  مجلة جيل الدراسات الأدبية والفكرية العدد 53 الصفحة 59.

    ملخص:

  شملت الدراسة ظاهرة اجتماعية لغوية قديمة وهي ظاهرة التداخل اللغوي، فنظرة العرب إليها أنها حالة شاذة في اللغة العربية، حيث يكون هناك تأثير اللغة الأم على نظام اللغة التي يتكلم بها الفرد فتصبح لديه لغة مزدوجة، ففي الجزائر على سبيل المثال تتعايش عدة لغات ولهجات من فصحى وأمازيغية واللغة الفرنسية، وللتداخل اللغوي أشكال متعددة كالترجمة، المولد، الاقتراض….إلخ، ويعتمد عدة مستويات مختلفة بما فيها المستوى الصوتي، والصرفي، والنحوي، والمعجمي، والكتابي، فهو إذا سلاح ذو حدين يكون إيجابي إذا سار وفق طرق صحيحة وسليمة، ويكون سلبي إذا كانت الغلبة للغة على حساب لغة أخرى .

كلمات مفتاحية: التداخل اللغوي، اللغة، الجزائر، الفرد، المجتمع .  

Abstract :

  The study included an old linguistic social phenomenon which is the phenomenon of linguistic interference. The Arabs view it as an abnormal situation in the Arabic language, where the mother tongue affects the system of the language spoken by the individual and has a double language. In Algeria, for example, Language, and Amazigh language and French, and the linguistic interference multiple forms such as translation, birth, borrowing, etc., and depends on several different levels including the level of phonetic, banking, grammatical, lexicon, and scriptural, And be negative if the language predominates on h August another language.

Keywords: Language Interference, Language,Algeria, Individual, community .

  مقدمة:

   التداخل اللغوي ظاهرة إنسانية اجتماعية انتشرت في المجتمعات بأكملها سواء العربية منها أو الغربية، وهو ظاهرة معقدة وغامضة عند الفرد والمجتمع، والجزائر واحدة من المجتمعات العربية التي تتعايش فيها عدة لغات، حيث نجد الفرد منًا يتحدث بلغتين أو أكثر، فالتداخل اللغوي معروف بعملية التأثير والتأثر بين اللغات، وقد أخذ أشكال متعددة كالإقتراض، والدخيل، والترجمة، والمولًد…إلخ، و يضم عدًة مستويات، ومن هذا المنطلق اتخذ الدارسون مهمة البحث في هذه الأشكال والمستويات، إذا ماذا نعني بالتداخل اللغوي؟ وما مدى تأثيره على المجتمع الجزائري؟ وما هي أشكاله ومستوياته؟ .

  • تعريف التداخل اللغوي:
  • لغة:

  يقول ابن منظور في كتابه لسان العرب “التداخل هو الإلتباس والتشابه، وهو دخول الأشياء في بعضها البعض”[1].

  وجاء في أساس البلاغة للزمخشري تعريف لمصطلح التداخل بأنه “دخل هو دخيل فلان، وهو الذي يداخله في أموره كلها، وهو دخيل في بني فلان إذا انتسب معهم وليس منهم، وهم دُخلاء فيهم”[2] .

فالتداخل إذا هو دخول شيء في شيء آخر ، بمعنى تداخل لغة في لغة أخرى فينتج عنه لغة مركبة ثالثة تكون مزيج بين اللغتين، وتكون ظاهرة التداخل اللغوي بنسبة كبيرة لدى مزدوج اللغة .

  • اصطلاحا:

  التداخل اللغوي ظاهرة لغوية حتمية فرضتها عدة ظروف وعوامل حيث يصبح للفرد الواحد لغتين فأكثر، وقد   جاء تعريفه في قاموس اللسانيات وعلوم اللغة أنه” كل متكلم عليه أن يستخدم في لغته الأصل عدة خصائص منها الصوتية، والصرفية، والتركيبية، والمعجمية للغة أجنبية من غير لغته”[3].

   يحدث التداخل اللغوي بفعل اللغة التي بدورها تكون وسيط فعًال لنقل المعارف والتواصل بين الشعوب، “وبصفة عامة فإن مصطلح التداخل يشير إلى الاحتكاك الذي يحدثه المستخدم للغتين أو أكثر في موقف من المواقف، والبيئة الاجتماعية التي ترعرع فيها الطفل لها فعالية أكثر ودور كبير في تولد توجه سلبي أو إيجابي تجاه لغة ما أكثر من الأخرى، وهنا يظهر أثر اللغة الأجنبية في اللغة القومية “[4].

  • أصناف التداخل اللغوي:
  • التداخل السلبي:

      يحدث هذا التداخل عندما يحاول المتعلم أن يتكلم اللغة الثانية، فيستبدل بصورة لا شعورية عناصر من لغته الأم المتأصلة في نفسه بعناصر من اللغة الثانية،  فيتسبب هذا النوع في كثير من الصعوبات التي يواجهها الطالب[5]

  • التداخل الإيجابي:

              يحدث هذا التداخل عندما يحاول الطالب فهم ما يسمع من اللغة الثانية، وكلما ازداد التشابه بين لغة الطالب الأم واللغة الثانية التي يتعلمها أصبح فهم اللغة الثانية أيسر، وهذا ما نلاحظه لدى الناطقين باللغات اللاتينية حيث يستطيع الطلاب الأسبان فهم ما يسمعونه من اللغة الإيطالية أو الفرنسية التي يتعلمونها، ولكن عندما يريد الطالب أن يستخدم كلمة فرنسية مشابهة لكلمة في لغته الأم، فإنه قد يقع في الخطأ، فهناك فرق كبير بين تعلم كلمة وبين كيفية استعمالها في الكلام، وعندما يتعلم الفرد لغة ثانية، فإنه يميل إلى إخضاعها إلى أنماط لغته  الأم[6]، وتعلم اللغة الثانية ليس بالشيء السلبي على اللغة لقوله عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم ” من تعلم لغة قوم أمن شرهم “، فالتداخل بين اللغات سلاح ذو حدين يكون إيجابي إذا سار وفق طرق سليمة وصحيحة ، ويكون سلبي لما تكون الغلبة للغة على حساب لغة أخرى .  

      التداخل اللغوي في الجزائر:

               تتعدد اللغات وتتعايش في الجزائر باختلاف كل منطقة من مناطق البلاد، والتي كان لها أثرا سلبيا على اللغة العربية سواء من طرف الفئة المثقفة أو الأمية، ففي بلدان المغرب العربي تتداول أربع لغات مستعملة والجزائر واحدة من بين هذه البلدان، فالوضع اللغوي في الجزائر تسوده العربية الفصحى لغة العرب، واللغة الفرنسية باعتبارها الدخيل الأجنبي ولغة المستعمر الذي عمًر البلاد منذ عام 1830م، واللغة الأم التي تتفرع إلى لغة أمازيغية والتي تضم لهجات مختلفة كالشاوية، والطوارقية، والشلحية، والقبائلية، والميزابية…الخ، وأخرى عامية منحدرة عن العربية الفصحى، أي أن ألفاظها مستقاة من الفصحى .

والآن نستعرض بعض اللغات المتداولة في الجزائر وهي:

اللغة الفصحى:  وهي اللغة الرسمية للبلاد والتي تعتبر من دعائم الشخصية الوطنية والمعترف بها عالميا، والرباط الوحيد الذي يعتز ويفتخر به الإنسان ويوحد بين أوطان العروبة باعتبارها لغة القرآن، ولغة التواصل بين الناس، ولغة الخطابات السياسية والدينية والتعليم في مختلف أطواره، وعرفها أحد الباحثين بقوله:” هي اللغة التي تشتمل على نظام لربط الكلمات بعضها ببعض وفقا لمقتضيات دلالتها العقلية التي تتضمنها قواعد النحو فيمكنها بالشكل الأيسر والأفضل من التعبير عن المعاني”[7]، فالفصحى تخضع لقواعد الإعراب بعكس العامية، فالفصحى تستعمل في المعاملات الرسمية وهي ” لغة الكتابة التي تدون بها المؤلفات والصحف والمجلات، وشؤون القضاء والتشريع والإدارة، ويؤلف بها الشعر والنثر الفني، وتستخدم في الخطابة والتدريس والمحاضرات، وفي تفاهم العامة إذا كانوا بصدد موضوع يمت بصلة إلى الآداب والعلوم”[8].

اللهجة العامية:   إذا كانت العربية الفصحى مشتركة بين كل العرب، فإن اللهجة العامية أو الدارجة على حد تعبير البعض تختلف من بلد لآخر ومن منطقة لأخرى، حيث نجد لهجة أهل الشرق تختلف عن لهجة أهل الغرب، ولهجة أهل الشمال تختلف عن لهجة أهل الجنوب، حتى لا يكاد بعضهم فهم الطرف الآخر .

اللغة الأمازيغية: تحتوي هذه اللغة على لهجات مختلفة تشكل عناصر مكونة للعديد من مناطق الوطن، وهي لغة قومية منذ التعديل الدستوري لـ8 ماي 2002، وقد تم الاعتراف بها كلغة وطنية منذ سنة 2005م، ومن لهجاتها القبائلية، والميزابية، والتارقية، والشلحية،….الخ .

اللغة الفرنسية:   بالرغم من أن الجزائر نالت استقلالها منذ سنة 1962م إلا أنه بقيت آثار فرنسا على المجتمع الجزائري وخاصة من الجانب اللغوي، حيث نجد الفرنسية تسير جنبا إلى جنب العربية الفصحى، فالفرد الجزائري في كلامه يدمج بعض الكلمات باللغة الفرنسية ظنا منه أنها لغة راقية ولغة العصر .

  • أشكال التداخل :

         للتداخل اللغوي أشكال متعددة، وكل صورة من صوره تعكس تجلياته ومظاهره، ومن هذا المنظار انطلق الدارسون في مهمة البحث في مختلف أشكاله، وهذا لاهتمامهم بهذه الظاهرة اللغوية التي أخذت نصيبا وافرا في كل لغات البشرية جمعاء .

  • الدخيل:

      ” وكلمة الدخيل: ما دخل في كلام العرب وليس منه “[9].

” أو هو ألفاظ داخلت لغات العرب من كلام الأمم الأخرى التي خالطتها نتيجة لعدة أسباب وظروف، فتفوهت بها العرب بحسب قواعدها  ومناهجها لتدل في العبارة لها على ما ليس من مألوفها، منها سبيلا إلى ما يجد من معاني الحياة”[10]، وفي الحديث “دخلت العمرة في الحج” معناه أنها سقط فرضها بوجوب الحج، ودخلت فيه، وهذا تأويل من لم يرها واجبة، فأما من أوجبها فقال: معناه أن عمل العمرة قد دخل في عمل الحج، فلا يرى على القارن أكثر من إحرام واحد وطواف وسعي[11].

    الدخيل إذا هو كل لفظ أو كلمة دخلت العربية وليست منها، أي ذات أصل أجنبي، واستخدمت وفقا لقواعد اللغة كما تداولها العرب في كلامهم، سواء أكانت بنفس اللفظ مثل العربية، أو بتغيير النطق بآخر مشابه له، فالدخيل ماهو إلا نافذة نطل بواسطتها على اللغات الأخرى، فكلمة ” أمبير ” مثلا  هي الوحدة التي يقاس بها الكهرباء، فهذه الكلمة ( أمبير ) أعجمية مأخوذة من اسم العالم الفرنسي Ammpère .

  • المعرًب:

    ” المعرًب إسم مفعول من الفعل عرًب، يعرب، والمصدر تعريبا، والمعرًب هو الذي جُعل عربيا.

عرًفه جلال الدين السيوطي بقوله هو ما استعملته العرب من الألفاظ الموضوعة لمعان في غير لغتها، وقال الجوهري في الصحاح: تعريب الإسم الأعجمي أن تتفوه به العرب على منهاجها.

ويعرف بعدة أسماء: المعرب، التعريب، الدخيل، المولًد”[12].

فالتعريب إذا هو إلحاق الألفاظ المأخوذة من اللغات الأخرى بأبنية كلمات عربية معروفة[13].

  فالمعرًب هو استعمال مفردات أعجمية الأصل غير عربية إلا أنها استخدمت في اللغة العربية بحسب قواعدها المتفق عليها، وهو بذلك يماثل الدخيل، ومن الألفاظ ذات المسحة العربية والتي تتضمن قرابة من الجانب الدلالي في حقل العربية كلمة “المسك ” وكلمة “قسطاس”، في حين نجد كلمة “ابريق” متحدة في أصلها مع العربية مختلفة في المعنى، والتي يمكننا تصنيفها ضمن الألفاظ الأعجمية، فهي تقارب بذلك في بنيتها الأصلية اللغة العربية .

  • الترجمة:

   عرفها عبد الحليم السيد المنسي وعبد الله الرازق بأنها “تعني نقل الأفكار والأقوال من لغة إلى أخرى مع المحافظة على روح النص المنقول” [14].

ومن المعلوم أن الترجمة تأتي لمعان آتية:

  • التبيين والتوضيح ( Making clear )
  • التفسير ( interpretation , explanation )
  • حياة الإنسان وسيرته ( Biography, Memoir )

نقل من لغة إلى أخرى ( Translation)[15]. و”الترجمة هي التعبير بلغة أخرى أو لغة الهدف عمًا عبر عنه بأخرى لغة المصدر، مع الإحتفاظ بالتكافؤات الدلالية و الأسلوبية”[16].

       الترجمة هي عملية نقل الكلام من لغة أولى إلى لغة ثانية، بمعنى هي التعبير عن ما هو مكتوب في  اللغة الأولى إلى اللغة ثانية، فالترجمة إذا هي تحويل النص المكتوب من اللغة التي انطلق منها وتأويل معانيه، ومن ثم إعادة صياغته حتى يكون له معنى آخر في لغة الوصول .

تنقسم الترجمة إلى عدًة أقسام وهي: الترجمة التحريرية والترجمة الشفوية .

أنواع الترجمة التحريرية:

  • الترجمة الحرفية:

   وهي الترجمة التي يلتزم المترجم فيها بالنص الأصلي، ويتقيد فيها بالمعنى الحرفي للكلمات، وهي أسوأ أنواع الترجمة حيث لا تترك للمترجم فرصة للتصرف بمرونة للوصول إلى أحسن صياغة[17].

  • الترجمة التفسيرية:

    وفي هذه الترجمة يقوم المترجم بتفسير وشرح بعض الألفاظ الغامضة، والعبارات التي ترد في النص الأصلي والتي ربما تكون عائقا أمام فهم القارئ ، و يفضل أن يكون ذلك في الهوامش[18] .

  • الترجمة بتصرف:

وفي هذه الحالة يمكن للمترجم أن يتصرف كما يريد، ويقوم بتقديم وتأخير العبارات حتى تتم صياغتها على أحسن وجه، وهذا النوع شائع في ترجمة الكتب والدوريات والمجلات وغيرها[19].

  • الترجمة التلخيصية:

“وفيها يختصر المترجم الموضوع الذي يترجمه ويقدمه بأسلوبه هو”[20] .

      أما الترجمة الشفوية يقوم المترجم بترجمة النص شفاهة بمجرد سماعه، وتنقسم الترجمة الشفوية بدورها إلى قسمين هما: الترجمة الفورية والترجمة التعاقبية.

  • الترجمة الفورية: هي الترجمة التي تتم في حين سماع النص وهي الأكثر شيوعا في الملتقيات و المؤتمرات.
  • الترجمة التعاقبية: هي الترجمة الشفوية للنص المسموع بعد انتهاء المتكلم منه على نحو متتالي ومتعاقب .
  • المولًد:

   التوليد يكون على ضربين أحدهما صياغة ألفاظ جديدة لا عهد للعربية الفصحى بها كلفظة اللامركزية، الماهية، الحيثية، والآخر تغيير معنى جديد لكلمة قديمة لم توضع لهذا المعنى مثل :القاطرة، المحرك، الجريدة، الهاتف[21]  والمولًد:المحدث من كل شيء، ومنه المولدون من الشعراء: سموا بذلك لحدوثهم، ومن الرجال: العربي غير المحض ومن وُلد عند العرب، ونشأ مع أولادهم، وتأدب بآدابهم.[22]، فالمولدون أقوام اختلطوا بالشعوب الأخرى وأخذوا عنهم بعض الألفاظ من مثل: العلوم، العقاقير…الخ.

  • الاقتراض:

               الاقتراض ظاهرة لغوية عامة وعالمية، يتم باحتكاك لغتين مع بعض، أو لغة ولهجة، أو لهجتين معا،إذ لا تكاد تخلو لغة من ذلك بفعل التأثر والتأثير بين الناطقين، فتأخذ اللغة المستقرة ألفاظا، أو تراكيب، وحتى أشكالا قواعدية، أو أصواتا، وتكيفها في الاستعمال من لغة أخرى لنا أن نسميها باللغة الوافدة[23].

               وقد قسًم “كاصد الزيدي” الإقتراض على قسمين، وسم الأول منهما ب (الإقتراض الداخلي) وأراد به: تأثر قبيلة بأخرى داخل جنس لغوي واحد لغات العربية مثلا في حين وسم القسم الثاني منهما ب(الإقتراض الخارجي) وأراد به إقتراض الناطقين المنتسبين إلى جنسين لغويين مختلفين كالعرب والفرس[24].

              الاقتراض ظاهرة عامة تشمل جميع اللغات دون استثناء، وتقع هذه الظاهرة لما يكون لمتحدثي اللغة الأولى إتصال بمتحدثي اللغة الثانية، ومن أسباب حدوث الإقتراض إحتكاك الشعوب مع بعضها البعض سواء من الجانب اللغوي، أوالسياسي، أوالاجتماعي.

    

  • مستويات التداخل اللغوي:

        للتداخل اللغوي مستويات عدًة منها الصوتي، والصرفي، والنحوي( التركيبي)، والمعجمي (الدلالي)، والمفرداتي، والكتابي .

  • المستوى الصوتي:

              يكون التداخل في هذا المستوى بظهور لهجة أجنبية في كلام المتحدث، ويتضح ذلك في النبر والتنغيم وأصوات الكلام . وهنا يتضح الفرق بين اللغتين مثل كلمة “ضبي”، هناك من ينطقها “دَبي”، أي إبدال حرف”الضاد” بحرف “الدال” .

  • المستوى الصرفي:

    ويكون التداخل في هذا المستوي بـ ” تدخل صرف اللغة الأم في صرف اللغة الأولى ، فإذا أخذنا كمثال نظام الصيغ و معانيها خاصة المزيدة نجد أنها تمثل عبئا كبيرا بالنسبة للمعلم و المتعلم ،مثل: استعمال صيغ الجمع للدلالة على المفرد في ذبح ميات كبش عوض مئة كبش[25].

  • المستوى النحوي:

   يؤدي تأثير نحو اللغة الأم على نحو اللغة الثانية إلى وقوع المتعلم في أخطاء تتعلق بنظم الكلام ( أي ترتيب أجزاء الجملة ) وفي استخدام الضمائر، وفي استعمال عناصر التخصيص (مثل أل التعريف ) وأزمنة الأفعال، وحكم الكلام ( مثل الإثبات، والنفي، والإستفهام، والتعجب) .

    يتجلى المستوى النحوي للتداخل في تسلط الخصائص النحوية لنظام اللغة الأم على النظام النحوي للغة الثانية وفيه يبدو عدم التحكم في استعمال الضمائر، وعدم التمييز بين المذكر والمؤنث، والارتباك في توظيف أزمنة الأفعال وهكذا دواليك [26].

  • المستوى المعجمي:

    التداخل في هذا المستوى يحدث عندما تضم لغتين كلمة واحدة بمعنيين مختلفين .  فالتداخل في مستواه الدلالي يشير إلى اعتماد المتعلم للغة الثانية على مفردة من المفردات المشتركة بين لغته الأم واللغة الثانية، لكن بمعنيين مختلفين، فيميل إلى إسقاط المفهوم المستقى من نظام لغته على المفهوم الذي يقتضيه نظام اللغة الثانية[27].

  • المستوى المفرداتي:

              حيث يؤدي التداخل اللغوي في هذا المستوى إلى اقتراض كلمات من اللغة الأم ودمجها في اللغة الثانية عند الكلام ، وإذا كانت الكلمة مستخدمة في اللغتين ولكن بمعنيين مختلفين، فقد يستخدمها المتعلم بمعناها في لغته الأم وهو يتحدث  باللغة الثانية[28] .

              فالتداخل اللغوي في هذا المستوى يحدث عندما يأخذ المتكلم الكلمة ومعناها من اللغة الأم ويوظفها في لغته الثانية .

  • المستوى الكتابي:

   هذا المستوى يحدث عندما يقع المتعلم في أخطاء في الكتابة بسبب التداخل في حالتين: الأولى عندما يلفظ الحرف بصورة مختلفة في لغته أو لهجته الأم، فيميل إلى كتابته طبقا للفظه، كما يكتب التلميذ المغربي مثلا “ثلاثة”بالتاء “تلاتة”، والثانية؛ عندما تشترك اللغتان الأولى والثانية في استخدام نظام كتابي واحد، كما هو الحال في الأوردية والعربية، إذ يميل الطالب الباكستاني الذي يتعلم العربية إلى كتابة الكلمات العربية كما يكتبها بالأوردية، وقد يرتكب الخطأ بسبب ذلك إذا كانت كتابة تلك الكلمات مختلفة بالعربية عنها بالأوردية[29].

             ويحدث التداخل في هذا المستوى حسب ما يتلفظ به المتكلم من أصوات في اللغة الأم؛ بمعنى يكتب نظام اللغة الثانية حسب ماينطق به من أصوات في نظام اللغة الأم .

نماذج تطبيقية :

التداخل اللغوي بين الفصحى والعامية في الجزائر :

أغلبية الناس يصنعوا القاطو في العيد .

عربية فصحى      عربية فصحى    لهجة عامية

فالمتكلم هنا بدأ كلامه بالعربية الفصحى و أكمل باللهجة العامية .

مثال: 2

ناس دزاير généralement  في رمضان يديرو البوراك .

لهجة عامية      لهجة عامية    عربية فصحى         فرنسية

  والمتكلم في هذه الجملة بدأ كلامه باللهجة العامية ثم وظًف كلمة فرنسية، وبعدها واصل الكلام بالعربية الفصحى وختم باللهجة العامية، وهنا يظهر جليا التداخل اللغوي بين اللغات في وسط المجتمع الجزائري، وهذا دليل على أن الفرد الجزائري يتداول عدة لغات في حياته اليومية سواء كان مثقفا أو أمي .

الكلمات المتداولة في المجتمع الجزائري ومعناها في الفصحى:

فرشيطة : شوكة .                     تلع: فقد صوابه .

شكارة: كيس كبير .                 الترعة: المساحة المحاذية للبيت .

الشوابين: الوالدين .                  طاب: نضج .

الكلمات المتداولة في المجتمع الجزائري  وأصلها أجنبي:

الكوزينة : La couissine                    بيرو: Bureau

فيلاج: Village                                فريجيدار: Réfrigérateur

لابوليس: La police                          بارساز: pareses

طابلو: Tableau                              جورنان: Journal

ومن اللغة الأمازيغية نجد:

أزول فلاون: تحية السلام .                 تيمنسيوين: ليلة سعيدة .

ماي توسيدد: كيف حالك.               آس أنون دامنار: يومكم مبارك .

تيفاوين: صباح الخير .                     أرتوفات: الى اللقاء .

 

خاتمة:

مما سبق تقديمه توصلنا  إلى النتائج التالية:

  • مفهوم التداخل اللغوي تعرض إليه الدارسون العرب منهم و الغرب، فهو ظاهرة إنسانية إجتماعية لغوية تخص الفرد والمجتمع.
  • تتعايش في الجزائر عدة لغات من عربية فصحى بمختلف لهجاتها، وأمازيغية، ولغة فرنسية .
  • للتداخل أشكال متعددة ومختلفة كالترجمة، والاقتراض، والمولد….إلخ.
  • يعتبر الدخيل شكل من أشكال التداخل اللغوي، فهو كل لفظ أو كلمة دخلت العربية وليست منها، أي ذات أصل أجنبي .
  • الترجمة هي عملية نقل الكلام من لغة أولى إلى لغة ثانية مع الحفاظ على المعنى المقصود .
  • التداخل في مستواه الصوتي يتم بظهور لهجة أجنبية في كلام المتحدث، ويتضح ذلك في النبر والتنغيم وأصوات الكلام، ويكون عندئذ الفرق بين اللغتين .

المصادر والمراجع:

  • ابن منظور، لسان العرب، دار الجيل، بيروت، 1988م، ج2 .
  • الزمخشري، أساس البلاغة، تح: محمد باسل عيون السود، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، ط1، (1419ه/1998م)، ج1.
  • أكرم مؤمن، فن الترجمة للطلاب والمبتدئين، دار الطلائع، القاهرة، 2004م .
  • مجمع اللغة العربية بالقاهرة، المعجم الوسيط، مادة ( و ل د) .
  • مشتاق عباس معن، المعجم المفصل في فقه اللغة، منشورات محمد علي بيضون لننشر كتب السنة والجماعة، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، ط1، (1422ه/2001م) .
  • صالح بلعيد، دروس في اللسانيات التطبيقية، دار هومة الجزائر، ط7، 2012م .
  • عمار ساسي، اللسان العربي وقضايا العصر، رؤية علمية في الفهم-المنهج-الخصائص-التعليم-التحليل، عالم الكتب الحديث، الأردن، دط، 2009م .
  • أنيس فريحة، اللهجات وأسلوب دراستها، دار الجيل بيروت، ط1، 1998م
  • مجد البرازي، مشكلات اللغة العربية المعاصرة، مكتبة الرسالة، عمان، ط1، 1989م .
  • كريمة أوشيش، التداخل اللغوي في اللغة العربية، تداخل العامية في الفصحى لدى تلاميذ الطور الثالث من التعليم الأساسي، رسالة ماجستير، 2002م .
  • أحمد بناني، الإزدواجية اللغوية في الواقع اللغوي الجزائري وفعالية التخطيط في مواجهتها، مجلة إشكالات في اللغة والأدب، العدد 8، ديسمبر 2015م .
  •  علي القاسمي، التداخل اللغوي والتحول اللغوي، مجلة الممارسة اللغوية .

 

 

[1]  ابن منظور لسان العرب، دار الجيل، بيروت، 1988م، ج2، ص957.

[2]  الزمخشري، أساس البلاغة، تح: محمد باسل عيون السود، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، ط1، (1419ه/1998م)، ج1، ص281.

[3] Dictionnaire de linguistique et des Sciences des Langue, Larousse, Italie, 1999, p252.

[4]  صالح بلعيد، دروس في اللسانيات التطبيقية، دار هومة،  الجزائر، ط7، 2012م، ص124.

[5]  أحمد  بناني، الإزدواجية اللغوية في الواقع اللغوي الجزائري وفعالية التخطيط في مواجهتها، مجلة إشكالات في اللغة والأدب، العدد 8، ديسمبر 2015م، ص201-218.

[6]  أحمد بناني، الإزدواجية اللغوية في الواقع اللغوي الجزائري وفعالية التخطيط في مواجهتها، ص109.

[7]   عمار ساسي، اللسان العربي وقضايا العصر، رؤية علمية في الفهم-المنهج-الخصائص-التعليم-التحليل، عالم الكتب الحديث، الأردن، 2009م، دط، ص104.

[8]  مجد البرازي، مشكلات اللغة العربية المعاصرة، مكتبة الرسالة، عمان، 1989م، ط1، ص55.

[9]   مسعود بوبو، أثر الدخيل على العربية الفصحى في عصر الإحتجاج، منشورات وزارة الثقافة والإرشاد القومي، دط، 1982م، ص20.

[10]  بتصرف: مصطفى صادق الرافعي، تاريخ آداب العرب، راجعه: عبد الله المنشاوي ومهدي البحقيري، مكتبة الايمان، المنصورة، دط، دت، ج1، ص171

[11]  محمد العدناني، معجم الأغلاط اللغوية المعاصرة، مكتبة لبنان، بيروت، ط1، 1984م، ص217

[12]  محمد ابراهيم الحمد، فقه اللغة مفهومه، وموصوعاته، وقضاياه، ط1، دار ابن خزيمة للنشر والتوزيع، المملكة العربية السعودية، الرياض، 1426ه، 2005م، ص158 .

[13]  كمال أحمد غنيم، آليات التعريب وصناعة المصطلحات الجديدة، اصدارات مجمع اللغة العربية الفلسطيني المدرسي1، غزة،(1435ه/2014م)، ص16

[14]  أبو جمال قطب الاسلام نعماني، الترجمة ضرورة حضارية، ،  دراسات الجامعة الاسلامية العالمية شيتاغونغ، المجلد الثالث، ديسمبر2006م، ص186.

[15]  المرجع نفسه، ص185 .

[16]   روجرت بيل، الترجمة وعملياتها النظرية والتطبيق، ترجمة: محي الدين حميد، ط1، 2001م، ص24.

[17]  أكرم مؤمن، فن الترجمة للطلاب والمبتدئين، دار الطلائع، القاهرة، 2004م، ص9.

[18]  بتصرف:أكرم مؤمن، فن الترجمة للطلاب والمبتدئين، ص9.

[19]  بتصرف: المرجع نفسه .

[20]  أكرم مؤمن، فن الترجمة للطلاب والمبتدئين، ص9.

[21]  بتصرف: أنيس فريحة، اللهجات وأسلوب دراستها، دار الجيل بيروت، ط1، 1998م، ص18.

[22]   مجمع اللغة العربية بالقاهرة، المعجم الوسيط، مادة ( و ل د) .

[23]  بتصرف: مشتاق عباس معن، المعجم المفصل في فقه اللغة، منشورات محمد علي بيضون لننشر كتب السنة والجماعة، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، ط1، (1422ه/2001م)، ص49 .

[24]  المرجع نفسه .

[25]  بتصرف: كريمة أوشيش، التداخل اللغوي في اللغة العربية، تداخل العامية في الفصحى لدى تلاميذ الطور الثالث من التعليم الأساسي، رسالة ماجستير، 2002م، ص84-85.

[26]  أحمد بناني، الإزدواجية اللغوية في الواقع اللغوي الجزائري وفعالية التخطيط في مواجهتها، مجلة إشكالات في اللغة والأدب، العدد 8، ديسمبر 2015م، ص109.

[27]  المرجع نفسه 108.

[28]  علي القاسمي، التداخل اللغوي والتحول اللغوي، مجلة الممارسة اللغوية، ص79 .

[29]  المرجع نفسه، ص79-80.


Updated: 2019-07-06 — 20:29

أضف تعليق

JiL Scientific Research Center © Frontier Theme