بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين
وبعد
المُعَرَّب
لغة:اسم مفعول من الفعل عرَّب يعرِّب تعريباً,والمُعَرَّب هو الذي جعل عربيا
اصطلاحا:هو ما استعملته العرب من الألفاظ الموضوعة لمعانٍ في غير لغتها
وقال الجوهري رحمه الله في الصحاح:تعريب الاسم الأعجمي أن تتفوه به العرب على مناهجها
ويطلق عليه: المُعَرَّب والتعريب والدخيل والمولد
يقول الدكتور علي عبد الواحد وافي في معرض حديث له عن الدخيل في اللغة العربية :والمولد يراد به الدخيل الأجنبي ما دخل العربية من مفردات أجنبية سواء في ذلك ما استعمله العرب الفصحاء في جاهليتهم وإسلامهم,وما استعمله من جاء بعدهم من المولدين .
وقد اصطلح المحدثون من الباحثين على أن العرب الفصحاء هم عرب البدو من جزيرة العرب إلى أواسط القرن الرابع الهجري,وعرب الأمصار إلى نهاية القرن الثاني الهجري ويسمون هذه العصور بعصور الاحتجاج
والمولدين هم ما عدا هؤلاء ولو كانوا من أصول عربية.
ويطلق على القسم الأول من الدخيل الأجنبي وهو ما استعمله فصحاء العرب اسم[المُعَرَّب] , وعلى القسم الثاني منه وهو ما استعمله المولدون من ألفاظ أعجمية لم يعربْها فصحاء العرب اسم [الأعجمي المولد]
وقد اختلف العلماء في وقوع المُعَرَّب في القرآن الكريم , على ثلاثة أقوال:
القول الأول : القائلين بالمنع:
وهو قول الإمام الشافعي وأبي عبيدة وابن فارس رحمهم الله وقد ستدلوا على المنع بقوله تعالى (قُرآناً عربيّا)وقولهولو جعلناه قُرآناً أعجميّاً لقالوا لولا فصلِّت آياته)
وقال أبو عبيدة رحمه الله "إنما أنزل القرآن بلسان عربي مبين , فمن زعم أن فيه غير العربية فقط أعظم القول, ومن زعم أن كذا بالنبطية فقد أكبر القول"
قال ابن فارس معلقاً"تأويله أنه أتى بأمر عظيم كبير وذلك أن القرآن لو كان فيه غير لغة العرب شيء لتوهم متوهم أن العرب إنما عجزت عن الإتيان بمثله لأنه أتى بلغات لا يعرفونها وفي ذلك ما فيه"
وقال آخرون: (كل الألفاظ عربية صرفة ولكن لغة العرب متسعة جداً ولا يبعد أن تخفى على الأكابر الجلة وقد خفي على ابن عباس معنى فاطر وفاتح)
القول الثاني :القائلين بوقوعه:
وقد استدلوا على ذلك كما قال أبو عبيد القاسم بن سلام( بما روي عن ابن عباس ومجاهد وابن جبير وعكرمة وعطاء وغيرهم من أهل العلم أنهم قالوا في أحرف كثيرة أنها بلغات العجم ومنها قولهم طه واليم والطور والربانيون فيقال أنها بالسريانية.
والصراط والقسطاس والفردوس يقال أنها بالرومية
ومشكاة وكِفْلين إنها بالحبشية
وهيت لك بالحورانية فهذا قول أهل العلم من الفقهاء)
وأجاب المجيزون لوقوع المُعَرَّب عن قوله تعالى[قُرآناً عربيّا] بأن الكلمات اليسيرة بغير العربية لا تخرجه عن كونه عربياً وأن القصيدة الفارسية لا تخرج عنها بلفظة عربية تكون فيها.
القول الثالث : التوفيق بين الرأيين والجمع بين القولين:
قال أبو عبيدة القاسم بن سلام بعد أن حكى القولين السابقين : ( والصواب عندي مذهب فيه تصديق القولين جميعاً وذلك أن هذه الأحرف أصولها أعجمية كما قال الفقهاء لكنها وقعت للعرب فعرَّبتها بألسنتها وحولتها عن ألفاظ العجم إلى ألفاظها فصارت عربية ثم نزل القرآن وفد اختلطت هذه الحروف بكلام العرب , فمن قال أنها عربية فهو صادق ومن قال أنها أعجمية فصادق)
ومال إلى هذا القول الجواليقي وابن الجوزي رحمهما الله تعالى
0000
هذا الموضوع منقول من محاضرات الشيخ الدكتور عبد الله المسملي في جامعة أم القرى حفظه الله تعالى
سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلامٌ على المرسلين والحمد لله رب العالمين