لماذا تعارض منظمة العفو الدولية عقوبة الإعدام؟ 

تعارض منظمة العفو الدولية عقوبة الإعدام في جميع الحالات بلا استثناء وبغض النظر عن طبيعة الجريمة أو خصائص المجرم أو الأسلوب الذي تستخدمه الدولة لقتل السجين. فعقوبة الإعدام هي إنكار مطلق ونهائي لحقوق الإنسان. إنها عبارة عن قتل إنسان مع سبق الإصرار وبدم بارد من قبل الدولة باسم العدالة. وهي تشكل انتهاكاً للحق في الحياة كما هو منصوص عليه في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. إنها منتهى العقوبة القاسية واللاإنسانية والمهنية.

فكما لا يمكن أن يكون هناك تبرير للتعذيب أو المعاملة القاسية،فإن الإعدام، شأنه شأن التعذيب، يشكل اعتداء جسدياً وعقلياً بالغاً على الشخص. ولا يمكن قياس الآلام الجسدية التي يسببها قتل إنسان، كما لا يمكن قياس المعاناة النفسية الناجمة عن المعرفة المسبقة بالموت على أيدي الدولة.

وتنطوي عقوبة الإعدام على تمييز، وغالباً ما تُستخدم بشكل غير متناسب ضد الفقراء وأفراد الأقليات والجماعات العنصرية والعرقية والدينية. كما يتم فرض هذه العقوبة وتنفيذها بشكل تعسفي.

إن محاولات الدولة انتقاء"أسوأ الأسوأ"من الجرائم والمجرمين من بين آلاف جرائم القتل التي تُرتكب في كل عام، تؤدي لا محالة إلى الوقوع في أخطاء وحالات عدم اتساق وعيوب لا يمكن تجنبها، فضلاً عن أنها تتفاقم بفعل التمييز وإساءة استخدام إجراءات الإدعاء العام وعدم كفاية التمثيل القانوني. وطالما ظلت العدالة البشرية غير معصومة من الخطأ، فإنه لا سبيل إلى القضاء على مخاطر إعدام الأبرياء. وتواصل منظمة العفو الدولية المطالبة بإلغاء عقوبة الإعدام في العالم بأسره بلا قيد أو شرط.

إن وضع حد لعقوبة الإعدام يعني الاعتراف بأنها تمثل سياسة عامة هدامة ومثيرة للانقسامات ولا تتسق مع القيم التي يؤمن بها الناس على نطاق واسع. وهي ليست عرضة للوقوع في أخطاء لا رجعة عنها فحسب، وإنما تعتبر مكلفة على المال العام، إلى جانب الكلفة الاجتماعية والنفسية. ولم يثبت أنها تشكل رادعاً خاصاً للجريمة، كما أنها تقضي على إمكانية التأهيل والمصالحة. وهي تشجع على إيجاد الردود المبسَّطة على المشكلات الإنسانية المعقدة، بدلاً من البحث عن تفسيرات من شأنها أن تساهم في إثراء الاستراتيجيات الإيجابية. وتؤدي إلى إطالة أمد معاناة عائلة ضحية الجريمة، وإلى امتداد هذه المعاناة لتطال أحباء السجين المدان. كما تؤدي إلى تحويل وُجهة الموارد والطاقات التي يمكن استخدامها على نحو أفضل في العمل ضد الجرائم العنيفة ومساعدة المتضررين منها. إنها تمثل أحد أعراض ثقافة العنف، وليست حلاً لها، وتشكل إهانة للكرامة الإنسانية وينبغي إلغاؤها.

بمعارضتها لعقوبة الإعدام، ألا تُظهر منظمة العفو الدولية عدم احترامها لضحايا هذه الجريمة العنيفة وأقربائهم؟

بمعارضتها لعقوبة الإعدام، لا تسعى منظمة العفو الدولية، بأي شكل من الأشكال، إلى التقليل من شأن الجرائم التي حُكم على مرتكبيها بالإعدام بسببها، أو التغاضي عنها. ولو كان الأمر كذلك، لكانت أغلبية البلدان مدافعة عن الجريمة العنيفة، وهو افتراض سخيف. وكمنظمة تشعر بقلق عميق إزاء ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان، فإن منظمة العفو الدولية لا تحاول التقليل من معاناة عائلات ضحايا جرائم القتل، التي تكنُّ لها المنظمة أعمق مشاعر التعاطف. بيد أن الطبيعة النهائية والقاسية المتأصلة في عقوبة الاعدام تجعلها غير متوافقة مع معايير العصر الحديث والسلوك الحضاري. إنها رد غير سليم وغير مقبول على الجرائم العنيفة.

هل تستخدم الحكومات عقوبة الإعدام لقمع الأصوات المعارضة؟

لقد كانت عقوبة الإعدام، ومازالت، تُستخدم كأداة للقمع السياسي وكوسيلة لإسكات المعارضين السياسيين مرة وإلى الأبد، أو للقضاء على الأشخاص "مثيري المشاكل" من السياسيين. وفي معظم هذه الحالات يُحكم على الضحايا بالإعدام إثر محاكمات جائرة.

إن طبيعة عقوبة الإعدام كعقوبة لا رجعة عنها هي التي تُغري باستخدامها كأداة قمع. فقد أُعدم آلاف الأشخاص في ظل حكومة ما، واعتُبروا ضحايا أبرياء بعد أن وصلت حكومة جديدة إلى سدة الحكم. وطالما ظلت عقوبة الإعدام مقبولة كشكل مشروع من أشكال العقاب، فإن احتمال إساءة استخدامها سياسياً سيظل قائماً؛ وإن إلغاء العقوبة وحده هو الذي يحول دون إساءة استخدامها سياسياً إلى الأبد.

ماذا يقول القانون الدولي بشأن استخدام عقوبة الإعدام؟

إن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان – الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في ديسمبر/كانون الأول 1948رداً على مدى الوحشية الذي وصلت إليه الدول والأهوال التي شهدتها البشرية إبان الحرب العالمية الثانية – يقر بحق كل شخص في الحياة (المادة 3)، وينص صراحةً على أنه "لا يُعرض أي شخص للتعذيب أو للمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة" (المادة 5). ومن وجهة نظر منظمة العفو الدولية، فإن عقوبة الإعدام تشكل انتهاكاً لهذه الحقوق.

وتوفر المعاهدات الدولية والإقليمية التي تنص على إلغاء عقوبة الإعدام مزيداً من الدعم لهدف إلغاء العقوبة:

البروتوكول الاختياري الثاني للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي يهدف إلى إلغاء عقوبة الإعدام، والذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في العام 1989، ينص على الإلغاء التام لعقوبة الإعدام، ولكنه يسمح للدول الأطراف بالإبقاء على العقوبة في أوقات الحرب إذا سجلت تحفظاً بهذا الشأن في وقت المصادقة على البروتوكول أو الانضمام إليه.

البروتوكول رقم 6للاتفاقية الأوروبية لحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية[الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان] المتعلق بإلغاء عقوبة الإعدام، والذي اعتمده مجلس أوروبا في العام 1982، ينص على إلغاء عقوبة الإعدام في أوقات السلم؛ ويجيز للدول الأطراف تطبيق عقوبة الإعدام على الجرائم التي ترتكب "في أوقات الحرب أو خطر الحرب الوشيك".

البروتوكول الملحق باتفاقية الدول الأمريكية لحقوق الإنسان المتعلقة بعقوبة الإعدام، الذي اعتمدته الجمعية العامة لمنظمة الدول الأمريكية في العام 1990، ينص على الإلغاء التام لعقوبة الإعدام، ولكنه يسمح للدول الأطراف بتطبيق العقوبة في أوقات الحرب إذا سجلت تحفظاً بهذا الشأن عند مصادقتها على البروتوكول أو انضمامها إليه.

البروتوكول رقم 13للاتفاقية الأوروبية لحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية(الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان)، الذي اعتمده مجلس أوروبا في العام 2002، ينص على إلغاء عقوبة الإعدام في جميع الظروف، بما فيها أوقات الحرب أو خطر الحرب الوشيك. ويمكن لأية دولة طرف في الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان أن تصبح دولة طرفاً في البروتوكول.

يمكن الاطلاع على قائمة محدَّثة بالدول التي صادقت على المعاهدات الخاصة بعقوبة الإعدام والمذكورة آنفاً، في صفحة عقوبة الإعدام على موقع منظمة العفو الدولية على الانترنت:

http://www.amnesty.org/ar/death-penalty

وبموجب القانون الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، فإن عقوبة الإعدام مستثناة من العقوبات التي تسمح صلاحيات المحكمة بفرضها، حتى لو كان لديها ولاية قضائية على الجرائم الخطيرة للغاية، من قبيل الجرائم ضد الإنسانية، ومنها جرائم الإبادة الجماعية، وانتهاكات قوانين النـزاعات المسلحة.

وعند إنشاء المحكمة الجنائية الدولية الخاصة بيوغسلافيا السابقة والمحكمة الجنائية الدولية الخاصة برواندا في العامين 1993و 1994على التوالي، عمد مجلس الأمن الدولي إلى استثناء عقوبة الإعدام كعقوبة على هذه الجرائم. كما استُثني فرض عقوبة الإعدام على مثل هذه الجرائم من قبل المحكمة الخاصة بسيراليون، واللجان الخاصة في ديلي بتيمور الشرقية، والتشريع الذي أُنشأت بموجبه الغرف الاستثنائية في محاكم كمبوديا.

ولكن بالتأكيد ثمة أوقاتاً ليس للدولة فيها من خيار آخر سوى إزهاق روح شخص ما، أليس كذلك؟

يمكن استخدام حجة الدفاع عن النفس في بعض الحالات لتبرير سلب حياة البشر على أيدي موظفين تابعين للدولة، كما هي الحال عندما تكون البلاد في حالة حرب (سواء كانت دولية أو أهلية)، أو عندما يضطر الموظفون المكلفون بتنفيذ القوانين للتصرف الفوري لإنقاذ حياتهم أو حياة الآخرين. وحتى في مثل هذه الحالات، فإن استخدام القوة المميتة مقيد بضمانات قانونية مقبولة دولياً بهدف منع إساءة استخدامها. ويهدف استخدام القوة إلى مواجهة الخطر الداهم الناجم عن استخدام القوة من قبل الآخرين.

بيد أن عقوبة الإعدام ليست فعل دفاع عن النفس ضد الخطر المباشر على الحياة، بل إنها فعل قتل مع سبق الإصرار والترصد لسجين يمكن التعامل معه بوسائل أقل قسوة.

ما قولكم في الحجة التي تقول إن عقوبة الإعدام تشكل أداة مهمة بيد الدولة لمكافحة الجريمة؟

تعتقد حكومات عدة أن بإمكانها حل المشكلات الاجتماعية أو السياسية الملحة عن طريق إعدام بضعة سجناء أو حتى مئات السجناء. وهناك الكثير من المواطنين في العديد من البلدان ممن لا يعلمون بأن عقوبة الإعدام لا تمنح المجتمع مزيداً من الحماية، وإنما تجعله أكثر وحشية.

وقد عجزت الدراسات العلمية بصورة متسقة عن إيجاد دليل مقنع على أن عقوبة الإعدام تردع الجريمة أكثر من غيرها من العقوبات. وقد خلصت أحدث دراسة مسحية بشأن العلاقة بين عقوبة الإعدام ومعدلات جرائم القتل، أجرتها الأمم المتحدة في العام 1988وتم تحديثها في العامين 1996و 2002، إلى أن: "... البحث فشل في توفير دليل علمي على أن تأثير الإعدام كان أشد ردعاً من تأثير السجن المؤبد. ومن غير المرجح أن يظهر مثل هذا الدليل في المستقبل، بل إن الأدلة ككل ما زالت لا توفر تأييداً لفرضية الردع."

كما أن الأرقام الحديثة المتعلقة بالجريمة والتي تعطيها الدول التي ألغت عقوبة الإعدام لا تُظهر أن لإلغاء العقوبة آثاراً ضارة. ففي كندا، مثلاً، انخفض معدل جرائم القتل لكل 100,000 من السكان من 3.09 في العام 1975، وهو العام الذي سبق إلغاء عقوبة الإعدام على جرائم القتل، إلى 2.41 في العام 1980، واستمر المعدل في الانخفاض منذ ذلك الحين. ففي العام 2003، أي بعد مرور 27عاماً على إلغاء العقوبة، بلغ معدل عمليات القتل 1.73 لكل 100,000 من السكان، أي أقل مما كان عليه في العام 1975 بنسبة %44، وهو أدنى معدل على الإطلاق على مدى ثلاثة عقود. ومع أن المعدل ارتفع إلى2.0 في العام 2005، فإنه ظل أدنى مما كان عليه بنسبة تزيد على الثلث عندما أُلغيت عقوبة الإعدام.

من الخطأ الافتراض أن الأشخاص الذين يقترفون جرائم خطيرة كالقتل، يفعلون ذلك بعد احتساب العواقب بصورة منطقية. إن جرائم القتل غالباً ما تُرتكب في لحظات جيشان العواطف وسيطرتها على العقل، أو تحت تأثير المخدرات أو المشروبات الكحولية. كما أن بعض الأشخاص الذين يرتكبون جرائم عنف هم غير متوازنين أو مرضى عقلياً. وقد وجدت منظمة العفو الدولية أن واحداً على الأقل من كل 10 سجناء أُعدموا في الولايات المتحدة منذ العام 1977، قد عانوا من اضطرابات عقلية خطيرة تجعلهم غير قادرين عقلياً على استيعاب حكم الإعدام أو أسبابه أو تداعياته. ولا يتوقع أن يشكل الخوف من عقوبة الإعدام رادعاً للجريمة في أي من هذه الحالات. وعلاوة على ذلك فإن الأشخاص الذين يقترفون جرائم خطيرة مع سبق الإصرار ربما يقررون المضي قدماً في جرائمهم على الرغم من المخاطر، اعتقاداً منهم بأنهم لن يُقبض عليهم. إن مفتاح الردع في مثل هذه الحالات يتمثل في زيادة إمكانات التحري والاعتقال والإدانة.

إن عدم وجود دليل واضح يُظهر أن لعقوبة الإعدام تأثيراً رادعاً فريداً، إنما يشير إلى عبثية وخطر الاعتماد على فرضية الردع كأساس لوضع سياسة عامة بشأن عقوبة الإعدام. إن عقوبة الإعدام عقوبة قاسية، ولكنها ليست قاسية على الجريمة.

أليس من الضروري إعدام سجناء معينين من أجل منعهم من تكرار جرائمهم؟

هذه العقوبة، بطبيعتها، لا ُتنفَّذ إلا بحق سجين يقبع خلف القضبان أصلاً، وهو بالتالي مقتَلع من صفوف المجتمع. وما دام هذا السجين غير قادر على ارتكاب أفعال عنف ضد المجتمع، فإن عقوبة الإعدام غير ضرورية كأسلوب لحماية المجتمع.

وخلافاً لعقوبة الحبس، فإن عقوبة الإعدام تنطوي على مخاطر الوقوع في أخطاء قضائية لا يمكن تصحيحها. وستظل هناك مخاطر دائمة من احتمال إعدام بعض السجناء الأبرياء. وفي هذه الحالة، فإن عقوبة الإعدام لن تردعهم عن تكرار جريمة لم يرتكبوها أصلاً.

كما أن من المستحيل معرفة ما إذا كان الأشخاص الذين يُعدمون سيكررون فعلاً الجرائم التي أُدينوا بسببها أم لا. إن الإعدام يعني إزهاق أرواح سجناء لمنع وقوع جرائم افتراضية في المستقبل، ربما لن يُرتكب العديد منها أبداً. كما أن هذه العقوبة تنفي مبدأ تأهيل المجرمين.

وثمة من يجادل بأن عقوبة السجن وحدها لم تردع الأشخاص الذين سُجنوا عن ارتكاب جرائم مرة أخرى بعد إطلاق سراحهم. والرد على ذلك هو مراجعة إجراءات الإفراج المشروط، بهدف منع العودة إلى الجريمة، وليس زيادة عدد عمليات الإعدام.

لا بد أن الشخص الذي يقترف جريمة بشعة أو يقتل شخصاً آخر يستحق الموت، أليس كذلك؟

لا يجوز استخدام الإعدام لشجب القتل؛ فمثل هذا الفعل الذي تقوم به الدولة إنما يمثل مرآة لاستعداد المجرم لاستخدام العنف الجسدي ضد ضحيته. وبالإضافة إلى ذلك، فإن جميع أنظمة العدالة الجنائية عرضة لممارسة التمييز والوقوع في الخطأ. وليس هناك من نظام قادرة على أن يقرر، بشكل عادل ومتسق وبلا أخطاء، مَن هو الشخص الذي ينبغي أن يعيش ومَن هو الذي ينبغي أن يموت. إذ أن المصالح الخاصة، والقرارات التي تقوم على الاجتهاد، والرأي العام السائد قد تؤثر على الإجراءات، من بداية الاعتقال حتى قرار اللحظة الأخيرة بشأن طلب الرأفة.

إن الأمر الأساسي في حقوق الإنسان هو كونها ثابتة وغير قابلة للانتقاص – أي أنها ملك لكل شخص بالتساوي وبغض النظر عن وضعه أو عرقه أو دينه أو أصله. ولا يجوز تجريد أحد منها بغض النظر عن الجرائم التي ارتكبها الشخص. فحقوق الإنسان تنطبق على أسوأنا مثلما تنطبق على أفضلنا. ولهذا هي موجودة لحمايتنا جميعاً؛ إنها تنقذنا من أنفسنا.

وبالإضافة إلى ذلك، فإن التجربة تُظهر أنه حيثما تُستخدم عقوبة الإعدام، فإنه سيقتُل بعض الأشخاص، في الوقت الذي قد يفلت آخرون ممن ارتكبوا جرائم مشابهة أو حتى أسوأ. والسجناء الذين يُعدمون ليسوا بالضرورة هم الذين ارتكبوا أسوأ الجرائم فحسب، وإنما أيضاً أولئك الذين كانوا فقراء جداً بحيث لم يستطيعوا توكيل محامين مهرة ليدافعوا عنهم، أو أولئك الذين واجهوا مدعين عامين أو قضاة أشد قسوة.

أليست هناك حاجة لاستخدام عقوبة الإعدام لوقف الأعمال الإرهابية والعنف السياسي؟

أشار موظفون رسميون مسؤولون عن مكافحة الإرهاب والجرائم السياسية، مراراً وتكراراً، إلى أن الإعدام يمكن أن يؤدي إلى زيادة معدلات ارتكاب مثل هذه الأفعال، بالقدر نفسه الذي يمكن أن يؤدي إلى وقفها. فعمليات الإعدام يمكن أن تخلق شهداء تصبح ذكراهم محور جذب لتعبئة منظماتهم. وبالنسبة للرجال والنساء المستعدين للتضحية بأرواحهم من أجل عقائدهم – من قبيل الانتحاريين – فإن من غير المرجح أن يؤدي الإعدام إلى ردعهم، بل ربما يشكل حافزاً لهم.

كما استخدمت جماعات المعارضة المسلحة تطبيق الدول لعقوبة الإعدام كمبرر للانتقام، مما يؤدي إلى استمرار دورة العنف.

ألا يعتبر زج السجين خلف القضبان لفترات طويلة أو مدى الحياة أشد قسوة من إعدامه؟

ما دام السجين حياً، فإنه يظل يحدوه الأمل في تأهيله أو تبرئة ساحته إذا تبين لاحقاً أنه بريء. لكن الإعدام يلغي إمكانية التعويض عن الخطأ القضائي أو تأهيل المجرم.

إن عقوبة الإعدام تمثل شكلاً فريداً من أشكال العقوبة تترتب عليها ظروف غير متوفرة في عقوبة الحبس، من قبيل قسوة الإعدام نفسه، وقسوة اضطرار الشخص إلى الانتظار في قائمة المحكوم عليهم بالإعدام – وغالباً ما يستغرق ذلك عدة سنوات – يقضيها السجين فيتأمل إعدامه المرتقب.

ماذا تقولون إلى البلدان التي تدعي أن الدعوة إلى تعليق تنفيذ عقوبة الإعدام في العالم بأسره ما هي إلا محاولة أخرى من قبل الغرب "لفرض قيمه الثقافية علينا"؟

ترحب منظمة العفو الدولية بتعددية الخطابات المتعلقة بحقوق الإنسان والتي تستند إلى الثقافات والأديان المختلفة، وتعتقد أن الرؤى المختلفة تسهم في فهمنا لحقوق الإنسان. وفي الوقت نفسه، تؤمن المنظمة بأن حقوق الإنسان عالمية وغير قابلة للتجزئة ويعتمد بعضها على بعض. ومع أنها ربما تكون قد تطورت في سياق غربي، فإنها ليست غربية من حيث مضمونها، وإنما هي مستمدة من تقاليد مختلفة وعديدة، وتعترف بها جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة كمعايير وافقت على التقيد بها.

وينبغي الإشارة إلى أن الدول المتعددة التي أقلعت عن استخدام عقوبة الإعدام تنتمي إلى مناطق وثقافات مختلفة. ولذا لا يمكن الادعاء بأن الدعوة إلى إلغاء عقوبة الإعدام جاءت من جزء واحد من المجتمع العالمي.

هل تعني معارضة منظمة العفو الدولية لعقوبة الإعدام أنها تنتقد، ضمنياً، الأديان الرئيسية في العالم التي تُجيز استخدام هذه العقوبة؟

إن الأديان العالمية الرئيسية تؤكد في تعاليمها على مبادئ الرحمة والعطف والغفران. وإن دعوة منظمة العفو الدولية إلى وقف عمليات الإعدام تتسق مع هذه التعاليم. ونشير إلى أن جميع المذاهب الدينية الرئيسية موجودة في الدول التي ما زالت تستخدم عقوبة الإعدام في شتى مناطق العالم. وبالمثل، فإن الدول التي ألغت عقوبة الإعدام، سواء في القانون أو في الممارسة، موجودة في شتى أنحاء العالم وعابرة للحدود الدينية. إن عقوبة الإعدام ليست محصورة في دين معين؛ ومن هنا فإن من الخطأ تفسير حملة منظمة العفو الدولية من أجل إلغاء عقوبة الإعدام على أنها تمثل هجوماً على دين معين. فمنظمة العفو الدولية متعددة الأعراق والثقافات، وهي منظمة غير سياسية يقوم عملها على الحقوق الإنسانية الدولية. كما أن عضويتها العالمية تأتي من العالم أجمع وتنتمي إلى أديان عديدة.

كيف يمكن للدول أن تلغي عقوبة الإعدام في الوقت الذي تؤيدها أغلبية الرأي العام؟

إن أسباب ما يبدو أنه دعم شعبي قوي لعقوبة الإعدام قد تكون معقدة ولا تستند إلى أساس من الحقائق. فلو تم تبصير الجمهور تماماً بحقيقة عقوبة الإعدام وكيفية تطبيقها، لأصبح العديد من الناس أكثر استعداداً لقبول إلغائها.

أما استطلاعات الرأي التي غالباً ما يبدو أنها تُظهر تأييداً ساحقاً لعقوبة الإعدام، فإنها تميل إلى تبسيط تعقيدات الرأي العام، وإلى أي مدى يستند هذا الرأي العام إلى فهم دقيق لأوضاع الجريمة في البلد المعني وأسبابها والوسائل المتاحة لمكافحتها.

وغالباً ما يقوم التأييد الشعبي لعقوبة الإعدام على الاعتقاد الخاطئ بأنها تشكل إجراء فعالاً ضد الجريمة. إن ما تريده الأغلبية الساحقة من الجمهور العام هو اتخاذ تدابير فعالة حقاً لتقليص الإجرام. فإذا دعا السياسيون إلى استخدام عقوبة الإعدام كإجراء لمكافحة الجريمة، فإن الجمهور سيطالب بذلك أيضا، اعتقاداً منه بأن هذا الإجراء سيحل المشكلة. إن مسؤولية التصدي للجريمة بشكل فعال ومن دون اللجوء إلى انتهاك حقوق الإنسان من خلال عقوبة الإعدام، إنما تقع على عاتق الحكومات.

أما الرأي العام المتبصر فيتشكل عبر التربية والقيادة الأخلاقية. إذ ينبغي أن تقود الحكومات الرأي العام في مسائل حقوق الإنسان والسياسة الجنائية. وينبغي أن تتخذ الحكومة والمشرعون القرار المتعلق بإلغاء عقوبة الإعدام. ويمكن اتخاذ مثل هذا القرار حتى لو كانت أغلبية الجمهور مؤيدة للعقوبة، وهو ما حصل تاريخياً في هذا الصدد. وعند إلغاء عقوبة الإعدام، لا يحدث عادةً احتجاج شعبي كبير على ذلك، وتظل العقوبة ملغاة دائماً تقريباً.

ولا يمكن تبرير إقدام حكومة ما على تعذيب سجين سيئ الصيت أو اضطهاد أقلية عرقية غير محبوبة شعبياً، لا لشيئ إلا لأن أغلبية الجمهور تطالب بذلك. فقد كان الرق ذات يوم مشروعاً ومقبولاً على نطاق واسع. وجاء إلغاؤه عبر جهود بذلها على مدى سنوات طويلة أولئك المعارضون لها على أسس أخلاقية.

مقتطفات من وثيقة رقم: ACT 50/010/2007




شارك هذه الصفحة: