الكرسي الكهربائي "يطارد" مشرفا سابقا على عمليات الإعدام

  • 23 فبراير/ شباط 2014
Image caption لا تزال عمليات الإعدام التي أشرف عليها أولت تطارده في منامه

يأتي معظم ضيوف برنامج "هارد توك" (حوار صريح) لبي بي سي إلى الاستديو وهم على أتم الاستعداد بالحجج لطرحها خلال الحلقة، لكن الوضع اختلف بالنسبة لألان أولت الذي واجه كاميرات البرنامج بشجاعة وبساطة في ذات الوقت.

كانت شهادة أولت كمشرف على تنفيذ عمليات الإعدام في ولاية جورجيا واحدة من أكثر الشهادات المؤلمة لكنها اتسمت بالأمانة والشجاعة على نحو لم يسبق أن شاهدته من قبل في حياتي.

يبدو أولت متحدثا هادئا ذا شعر أشيب ونظرة ثابتة، وحينما تحدث عن السنوات التي قضاها في منصب مفوض تأهيل السجناء في ولاية جورجيا ، بدا كأنه نسي التصنع الذي يبديه كثيرون في الاستوديوهات التلفزيونية وأخذ يستعيد ذكرياته في غرفة الإعدام.

قال أولت: "مازلت أعاني من الكوابيس"

وأضاف :" إنها أشد أشكال عمليات القتل المتعمد الذي يمكنك أن تتخيلها على الإطلاق وتبقى في نفسك للأبد"

كلمة "القتل"، تصبح كلمة غير عادية حينما تخرج من فم رجل تولى مسؤولية تنفيذ أقصى عقوبة في الولايات المتحدة.

لكن ماذا حدث لأولت؟ ما الذي حوله من موظف ضمن النظام القضائي إلى قائد متحمس لحملة تناهض تطبيق عقوبة الإعدام في الولايات المتحدة؟

بدأت رحلته المؤلمة بترقية وظيفية، حيث كان أولت اختصاصيا في علم النفس وعمل في مركز التصنيف والعلاج التشخيصي في سجن جورجيا.

واختير المركز ليكون مقرا لغرفة الإعدام في جورجيا وأصبح أولت مديرا لهذه الغرفة دون أي اختبار دقيق لمشاعره الداخلية تجاه عقوبة الإعدام، ووجد أولت نفسه مسؤولا عن آلات للقتل.

وفي ولاية جورجيا، كانت آلة القتل هي الكرسي الكهربائي. ويتذكر أولت كل التفاصيل الخاصة بكل عملية إعدام أشرف عليها.

كانت أكثرها إزعاجا من بين تلك الحالات هي حالة كريستوفر بورغر الذي كان حدثا يبلغ من العمر 17 عاما ويعاني من قصور عقلي جزئي وتورط في عملية اغتصاب وقتل عمدي.

قضى بورغر 17 عاما في قسم المحكوم عليهم بالإعدام، وشهد أولت تغير بورغر حيث بدأ يتعلم وتطور عقله وأصبح ناضجا.

بالطبع كان مدانا بارتكاب جريمة بشعة، لكنه ندم على ذلك بشدة.

وحينما وصف أولت عملية إعدام بورغر كانت كلماته قوية يتخللها صمت يعج بالألم الشديد.

ولم يفلح عقدان في تخفيف وطأة إحساس أولت بالذنب ووخز الضمير.

وقال أولت: "كانت آخر كلماته لي: أرجوك سامحني"

وأضاف: "لقد رأيت صدمة الكهرباء تسري في جسده، أطاحت برأسه إلى الوراء ثم أصبح هناك هدوء تام، وعرفت حينها أني قتلت إنسانا أخرا".

ترهيب عرقي

عززت كل عملية إعدام أشرف عليها أولت من هواجسه.

وليام هنري هانس كان رجلا أسود البشرة أدين من جانب هيئة محلفين أغلبها من البيض بجريمة قتل ثلاث نساء.

ووصف رجل أسود كان من بين هيئة المحلفين أجواء المحاكمة بعد ذلك بأنها ترهيب عرقي، حيث قال أحد المحلفين البيض إن الإعدام "سيمنع واحدا من الزنوج من التناسل".

Image caption أوقفت ولاية جورجيا عمليات الإعدام بالكرسي الكهربائي وتستخدم الآن الحقن المميت

لقد كان حاصل الذكاء عند هانس منخفضا جدا، واعتقد بعض الخبراء أنه لم يكن مؤهلا لتقديم دعوى استئناف، وعلى الرغم من ذلك فقد أدين وكان على أولت أن يشرف على عملية إعدامه صعقا بالكهرباء.

وسألته في البرنامج: "لماذا لم تترك منصبك؟"

فأجاب متنهدا: "فعلت ذلك في النهاية"

فقلت له: "لقد فعلت ذلك متأخرا للغاية؟"

فقال: "نعم، ولقد شعرت منذ وقتها وإلى الآن بالندم على كل لحظة وكل حالة إعدام."

غادر أولت منصبه كرئيس لقسم تأهيل السجناء عام 1995 ومنذ حينها وهو يتلقى جلسات علاجية ونصائح للتغلب على إحساسه الشديد بالذنب.

وأصبح أولت واحدا من أبرز من يقودون الحملات ضد تطبيق عقوبة الإعدام في الولايات المتحدة، وهو يرفض فكرة أن تكون تلك العقوبة لها أي تأثير رادع، ويرى أن هناك عاملا عرقيا في تطبيق عقوبة الإعدام.

ويقول: "إذا قتلت شخصا أبيض، ستواجه احتمال تطبيق عقوبة الإعدام أكثر ثلاثة أضعاف مقارنة بقتل رجل أسود."

وانضمت مجموعة صغيرة من المشرفين على غرف الإعدام ورؤساء إدارات التأهيل السابقين إلى حملة أولت المناهضة لتطبيق عقوبة الإعدام.

وأعلنت نحو 28 ولاية أمريكية رفضها تطبيق عقوبة الإعدام ، لذلك انخفض عدد حالات الإعدام بشكل كبير، اذ شهد عام 2012 توقيع 43 حالة إعدام، مقارنة بتسعينيات القرن الماضي التي شهدت مئات الحالات.

وتشير استطلاعات الرأي إلى أن معظم الأمريكيين مازالوا يعتقدون في فائدة وعدالة تطبيق عقوبة الإعدام على أولئك المدانين بارتكاب أكثر الجرائم بشاعة.

لذا سيواصل ألان أولت التعبير عن مشاعره من أجل تغيير عقليه المواطنين.

واختتم حديثه: "ليس من حق أي شخص أن يطلب من موظف عام أن يتحمل تنفيذ عقوبة تنطوي على الشك والإحساس بالخزي والذنب مدى الحياة"

وأضاف: "المسألة ليست كلاما بلاغيا".

المزيد حول هذه القصة