طبـاعة


حفـظ


ارسال
الأربعاء 24 شعبان 1426هـ - 28 سبتمبر 2005م
رياضة المرأة لغم قابل للانفجار
 

صالح الطريقي

الرياضة النسائية .. موضوع الحديث عنه أشبه بالمشي على الألغام لأسباب لا أستطيع تفسيرها بشكل دقيق وواضح فالمعارضون يرون أن فتح باب الرياضة للمرأة هو بداية للفساد ، لهذا يرون أن سد الباب أفضل ، ومن باب الفضيلة يتم حرمان المرأة من ممارسة الرياضة في المدارس .غالبية المؤيدين يطالبون بأن تمارس المرأة الرياضة ليسجلوا انتصارا على من يمكن تسميتهم (بأصحاب سد الأبواب) ، ولكن ماذا عن المرأة ما رأيها في قضية تهمها وتعنى بها ؟ صوت المرأة شبه غائب ومغيب كالعادة ، رغم أن الأمر يهمها هي ، وهي من يجب أن تتحدث عن هذا الأمر وهل هي بحاجة للرياضة أم لا ؟وماذا عن الأمراض التي يصاب بها الإنسان بسبب عدم ممارسته الرياضة كالسكر وأمراض القلب والسمنة ، هل هي متفشية أم لا ؟هذه الأسئلة لا يوجد إجابة دقيقة عليها فلا يوجد دراسات وبحوث أجريت على المدارس لتحدد لنا هذا ، وإن كانت هناك دراسات في أمريكا عنا (تقول إن عدد المصابين بمرض القلب تجاوزوا 16 ألفا سنويا ، ونسبة السمنة في السعودية تقريبا 24% للرجال ، مقابل 40% للمرأة) .ـ أليس غريبا أن تأتي الإحصائيات عنا من الخارج ، ترى هل هم يعرفوننا أكثر مما نعرف أنفسنا ، أم أن المعلومات لدينا شحيحة أولا يمكن لك أن تجدها بسهولة إن لم تحضر خطابا ؟كما يحدث لك حين تذهب لمكتبة جامعة الملك سعود ، وتبحث في الكمبيوتر عن كتاب ما ، فتجد مكتوبا بجانبه حرف (م) ، أي ممنوع تداوله ، وإن استفسرت قيل لك يجب أن تكون شخصا يقدم رسالة دكتوراه ليسمح لك برؤيته ، وإن كنت باحثا يجب أن تحضر خطابا من جهة أمنية لنسمح لك برؤية كتاب (الطواسين) للحلاج الذي توفي قبل 1100 عام ، فتضطر لقطع تذكرة سفر لتشتريه كحل أسهل .يبدو أني خرجت عن الموضوع قليلا ، سأعود للموضوع وإن كنت أرى أن الحديث عن الرياضة النسائية أمر أخطر من الحديث عن الكتاب ، فهو كما قلت أشبه بالمشي على الألغام ، وبما أني لا أحب المشي بهذه الطريقة حتى لا يلعنني البعض بحثا عن حسنات ، سأتحدث عن الرياضة وما الذي يمكن لها أن تقدمه لنا ، وكيف يمكن تعاطيها بغض النظر من الذي يتعاطاها الشاب أم الفتاة .أثبتت كل البحوث التي أجريت في الشرق وفي الغرب (باستثناء الشرق الأوسط) ، أن الموظف/العامل /الموظفة /العاملة الذي يمارس الرياضة أكثر إنتاجية في عمله ممن لا يمارس الرياضة ، أي أن ممارسة الرياضة ترفع إنتاجية واقتصاد أي دولة ، وبالتأكيد سترفع متوسط دخل الفرد ومستوى معيشته .إذن الرياضة مهمة جدا بالنسبة للمجتمع ، ولكن كيف يتم تعاطي الرياضة ؟هناك طريقتان لتعاطي الرياضة ، فهناك من يكرس حب ممارسة الرياضة في المجتمع لمجرد الرياضة ، أي هي بعيدة عن التنافس ولا دخل للفوز أو الانتصار بها من قريب أو بعيد ، وربما الدول الاسكندنافية في أوربا هي من يتسيد هذا التوجه ، فيحببون الطفل بالرياضة ويرفعون مستوى وعي الفرد بقيمة الرياضة له ولصحته قبل أن تكون مهمة للمجتمع في الإنتاج .وهناك من يأخذها بشكل تنافسي ، لينقل (ثقافته) أو ليثبت للعالم أنه الأفضل ، وهذا ما كان يحدث بين أمريكا والاتحاد السوفيتي في حربهما الباردة في الأولمبياد ، وكان العالم يتفرج على مدى إتقان هاتين الدولتين في صناعة السوبرمان .فيما بعد دخل الاقتصاد مستغلا للرياضة ليحولها لسلعة ، فروج لها واستطاع تحويلها إلى سلعة يتعاطاها المستهلك .هذه هي الرياضة ، يمكن لها أن تقدم ما تريد ، وعيا بأهمية ممارسة الرياضة ، تنافسا ، إرسال رسالة للمجتمعات الأخرى بأن ثقافة هذا المجتمع قادرة على صنع الرجل السوبرمان فيؤمنوا بثقافتك ، يمكن لها أن تكون مخدرا للشعوب ، فتوجد له مشاكل عوضا عن أزماته الاقتصادية ، كهزيمة فريقه المفضل وأزمات اللاعب مع الرئيس أو الحكم أو المدرب .بعبارة أصرح الرياضة يمكن لها أن تعطيك ما تريد ، ولكن نحن ما الذي نريده ؟

* نقلا عن جريدة "الرياضية" السعودية

عودة للأعلى